[b]إن المتتبع لأحوال المسلمين في العالم ,يُدهش من كثرة العداء والبغضاء
التي وصلت الى حد التصفية الجسدية ,والقتل على الهوية.المئات من الأبرياء يسقطون
قتلى وجرحى نتيجة هذا البغض الشديد الأسود الذي يغلف قلوب بعض المسلمين
.
والسؤال الذي يطرح نفسه ,هل العلة في الإسلام أم العلة في المسلمين
بطبيعة
الحال ,الجواب...... العلة في المسلمين . والمتتبع للشؤون الإسلامية ,سيقول أن ما
يجري هو نوع من الصراع السياسي بين المسلمين ,غايته السلطة والمال والنفوذ.
كل
ذلك صحيح ,وصحيح أن الخالق أرسل نبيه بالرحمة والحق,وأنزل كتاباً يدعوا الى نبذ
العنف والتآخي وخاصة ما بين المسلين(الإسلام بمفهومه العام والشامل أي المسالمين
مهما كانت ديانته وعرقه ولونه) ,الذين هم رحماء فيما بينهم وذلك حسب قول الله عز
وجل
"مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى
الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا
مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ
ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ
أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ
الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا"
الأية واضحة
وضوح الشمس كما في يوم صيفي لا غيوم فيه.المسلمون هم المسالمون من المسلمين وأهل
الكتاب,الرحماء فيما بينهم هؤلاء وعدهم الله المغفرة والأجر العظيم إذا أمنوا
وسالموا وعملوا الصالحات.
, المفترض أن المسلمين (أمة النبي محمد (ص)). يشكلون
أمة تدعو الى الخير ,يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر مثلهم مثل كل الأمم التي
سبقتهم من اتباع الرسل والأنبياء. كما وأن كتابهم القرآن يأمر بحرمة قتل النفس إلا
بالحق,كتاب يدعو الى الرحمة و العفو والمغفرة بين الناس ,كتاب يدعو الى السلم ,لن
أذكر الآيات في هذا السياق, فكل من قرأ القرآن لابد وأنه مر عليها وتدبرها بشكل
واعي.
فكرت بهذا الأمر طويلاً ,وصرت أبحث دائماً في كتاب الله القرآن الكريم عن
أجوبة محددة لما يجري في عالمنا الإسلامي وعلى من تقع المسؤولية هل تقع على
الخالق(معاذ الله) أم على المخلوق.(من قرأ قصة الأخوة كرامازوف ,سيجد أيضاً هذا
الحوار الذي شغل العالم بين اخوين ,أخ ملحد والأخر قسيس ,وكان موضوع الحوار ,هو
الحرب مابين الأتراك والأرمن آنذاك ,عندما كان الأتراك يقذفون بالطفل الأرمني الى
الفضاء ويتلقون جسده بالرماح ,هنا سأل الملحد أخاه القسيس ,أين كان الله(معاذ الله)
عندما قُتل هؤلاء الأطفال الأبرياء؟؟؟) أي وضع المسؤولية على الله معاذ الله.هنا
يجب التفريق بين فعل البشر وسلوك البشر ,ومشيئة الخالق وإرادته ومفهوم
الحرية.ومفهوم الثواب والعقاب إما في الدنيا أو الآخرة .أو في الدنيا والآخرة
معاً.
صحيح أن القرآن كتاب هداية للبشر أجمعين ,لكنه في الوقت نفسه يحتوي على
الكثير من القوانين الاجتماعية وكيف لا...وهو كتاب جاء من السماء الى بني آدم على
الأرض , لتحديد العلاقات الإنسانية بين البشر وخالقهم ,وبين الفرد وأخيه الإنسان
بشكل عام,وبين المسلم وأخيه المسلم .
هذه القوانين الاجتماعية ,هي سنن في هذا
الكون ,مثلها مثل السنن الكونية ,بمعنى أن الشمس تشرق من الشرق وتغرب غرباً, فمهما
دعونا الله عز وجل ,فإنه لا يغير سننه الثابتة من أجل بشر .
والقوانين
الاجتماعية ,أيضاً كما ذكرت هي سنن ثابتة تتناول العلاقات الإنسانية . مع الأخذ
بعين الاعتبار حرية تصرف البشر فيما بينهم ,و مدى التزامهم بهذه السنن , وعلى ذلك
يتم تحديد مسار تطورهم وتقدمهم .(فالله لا يغير ما في قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)
.أليس هذا القانون الإلهي هو القانون الاجتماعي الثابت الذي لا يتغير .
القرآن
الكريم عندما تنزل على قلب الرسول(ص) .كان المسلمون آنذاك في بداية التكوين الديني
,وكان الرسول (ص) يقود هذه الأمة في بدايتها ,أي أن بداية تكوين الأمة كانت تدار من
السماء,لهذا لم تظهر بعد المشاكل والتأويلات والأفعال البشرية .لكنه في الوقت نفسه
عالج القرآن حالات الأقوام السابقة ,بشكل قصص قرآني ,أو توجيهات دلت على سلبيات
تعاطي تلك الأقوام مع رسلهم و كتبهم السماوية أي مع سنن الله,وما آلت إليه أحوالهم
بعد ما ابتعدوا عنها
,وكانت النتيجة سلبية وأحياناً كارثية عليهم بالطبع .
هذه المدرسة القرآنية لم تعالج هذه الحالات عبثاً ,صحيح أنها كانت تقصد أهل الكتاب
وغيرهم ممن سبقوهم ...لكنها بالواقع تنسحب على هذه الأمة أمة محمد (ص) ,لتكون لهم
مدرسة وعبرة.
يقول الله عز وجل:
"ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم
فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وسوف
ينبئهم الله بما كانوا يصنعون "
هذه الآية الكريمة ,هي قانون إلهي ,تتحدث عن وضع
النصارى الذين نسوا حظاً مما ذكروا به ,وهذا الوضع أدى الى تفرقتهم الى شيع وطوائف
,أي فرقوا دينهم ,واتبعوا أهوائهم ورهبانهم .....النتيجة أغرى بينهم الله العداوة
والبغضاء الى يوم القيامة .وها نحن نرى مدى صدق هذا القانون الإلهي في علاقة
المسيحيين فيما بينهم , لا بابا روما يعترف به الأرثوذكس ,ولا البروتستانت ,والعكس
هو الصحيح . لدرجة أن أحدهم لا يصلي في كنيسة الأخر.
لنعد الى موضوعنا الأساس
,ودعونا نطبق القانون الإلهي على وضع المسلمين ,وهل الآية جاءت فقط في النصارى أم
أن القصد هو تنبيه المسلمين لما سيحدث لهم إذا فرقوا دينهم.
" إن الذين فرقوا
دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون
"
"ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم
عذاب عظيم"
وواقع المسلمين (أمة محمد(ص)). بعد أن جاءهم كتاب فيه ذكرهم وفيه
أسباب هدايتهم ووحدتهم ,تركوا القرآن ونسوا حظاً مما ذكروا به .ففرقوا دينهم إلى
شيع وطوائف ومذاهب.
السنة ,تكفر الشيعة, والشيعة تكفر السنة والجهاد يكفر
الأخوان ,وحماس تكفر جند الله ......وهكذا ...تم تفريق الدين الى شيع وطوائف ومذاهب
واختلفوا من بعد ما جاءهم العلم
لهذا كان لابد من تطبيق القانون الإلهي الثابت
والصارم عليهم ,الذي يقول ...أيها المسلمون ...كونكم فرقتم دينكم ...فسيغري الله
العداوة والبغضاء بينكم الى يوم الدين ,وهذا ما نراه على أرض الواقع مع كل أسف .ولا
حل لهذه الإشكالية إلا بالتغير والعودة الى الذي يستطيع جمع امة الإسلام وتوحيدها
ألا وهو كتاب الله عز وجل كتاباً وحيداً. القرآن وكفى.
يقول الله عز وجل
"
" لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما الفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم
انه عزيز حكيم
[/b]